لا تقتل نفسك.
.
.
.
بالهموم والأحزان
لا تقتل نفسك بالهموم والأحزان فالهم والحزن يحدث في نفس صاحبه ضيقا واكتئابا فينحلان جسمه ويشيبان رأسه ويوهنان عزمه ويصير ميت الأحياء الذي قيل فيه
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء
فلا تقتل نفسك بالهموم والأحزان فهي اكبر قاتل عرفه تاريخ الإنسان ، فاحذروا أحبائي الهموم والأحزان فإنها لن تعيد ما فات ، ولن ترد من مات ولن تزيدكم إلا ضعفا ومرضا
والهم يخترم الجسيم نحافة ويشيب ناصية الصبي ويهرم
فلا تقتلوا أنفسكم بالهم والحزن والشكوى فإن القدر غالب والهم مغلوب لا تحزنوا فإن الحزن والهم أساس الأمراض النفسية ومصدر الآلام الجسمية والعصبية
يقول د / جوزيف مونتاغيو
أنت لا تصاب بالقرحة بسبب ما تتناول من طعام بل بسبب ما يأكلك
أي ما يأكلك من هموم وأحزان تجلب لك الأسقام والآلام حيث أن أربعة من كل خمسة مرضي ليس لعلتهم أساس عضوي ألبته فلا تقتل نفسك بالهم فلن يصيبك إلا ما كتب الله لك ومهما جزعت فلن يتغير الأمر .
وكما قال سيدنا علي رضي الله عنه لأحد الناس ( إذا صبرت جري عليك القلم وأنت مأجور وإذا جزعت جري عليك القلم وأنت مأزور )
نعم فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا فإن صبرنا أجرنا وإن جزعنا خسرنا
اصبر أخي الكريم وارض بما قضي الله عليك ولا تجزع واستعن بالله ولا تعجز ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل .
فاصبر صبرا جميلا عسي أن يكون فرجا قريبا فإن الله تعالي لطيف بعباده كما أخبر هو عن نفسه في كتابه ...
وفي الحديث الصحيح قوله صلي الله عليه وسلم : ( إن الله لا يقضي قضاء للعبد إلا كان خيرا له ) .
ويقول أيضا ( ما يصيب المؤمن من هم ولا نصب ولا حزن إلا كفر الله به خطاياه )
فلا تحزن أخي الكريم فلست وحدك المصاب من دون بقية الناس فكم من مريض أقعده مرضه وكم من فقير أجهده فقره وكم من سجين قهره سجنه وكم من مدين غلبه دينه وتلك هي سنة الحياة الدنيا فلقد جعلها الله دار ابتلاء وامتحان .... فلا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار ...
والله يقول في كتابه الكريم مخبرا بتلك السنة الثابتة في تلك الدار الدنيا (( ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ))
إن الاستسلام للهموم والأحزان والاستغراق فيها والجزع منها يكاد يفرق الإنسان ويفلق كبده ويحطم قلبه ويدمر أعصابه ويذهب صحته وشبابه إذا تمكن منه ولم يجد له دفعا عنه .
فأنت أخي الكريم علي خطر عظيم من الهموم والأحزان فانظر لأمرك واختر لنفسك أتريد لها الصحة والحياة أم تريد لها المرض والفناء ؟ .
يقول د / عائض القرني : ( بعد الجوع شبع وعقب الظمأ ري وإثر المرض عافية والفقر يعقبه الغني والهم يتلوه السرور سنة ثابتة
أخي الكريم لماذا تحزن ؟ ولماذا تسمح للهموم أن تغتالك ؟
ماذا دهاك ؟ ماذا أصابك ؟ أيسعدك أن تدمر أعصابك ؟
ألم تسمع يوما عن رجل قتله حزنه ومات كمدا ؟
أليس في معارفك أو وصل إلي مسامعك خبر الذي انفجر مخه عندما ارتفع ضغطه لأنه لم يستطع أن ينتصر علي الهموم والأحزان فماذا دهاك وماذا عساك ؟
أتريد أن تقتل نفسك مثل هذا وذاك ؟
الله عز وجل يقول لنا : (( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ))
فارحم نفسك أخي الكريم ...ارحمي نفسك أختي الكريمة ... ارحموا أنفسكم ولا تقتلوها كمدا وحزنا وأسفا فما أحيا الحزن من مات ولا رد الأسف ما فات وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع وأعظم من الصبر .
وفي الحديث : ( عجبا لأمر المؤمن !! إن أمره كله خير له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن ) .
أخي الحبيب ....
أين إيمانك ؟
أين تفاؤلك ؟
أين عزيمتك ؟
هل ستتوقف الحياة ؟
هل سيعيد إليك الهم والحزن من مات ؟
هل سيرد عليك جزعك وضجرك ما فات ؟
أخي الحبيب .... إن القدر فيك ماض شئت أم أبيت صبرت أم جزعت فإن صبرت وشكرت أجرت وكسبت ، وإن جزعت وضجرت أزرت وخسرت
دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم المسجد ذات يوم فإذا برجل من الأنصار يقال له أبو أمامه فقال : يا أبا أمامه .. مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله ، قال صلي الله عليه وسلم : أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همّك وقضي عنك دينك ؟ قلت بلي يا رسول الله . قال : قل إذا أصبحت وإذا أمسيت : ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ، قال : ففعلت ذلك فأذهب الله همّي وقضي عنّي ديني ) .
فاجعل هذا الدعاء شعارا لك في صباحك ومسائك ..يذهب الله عنك همّك ويقضي لك دينك وتسعد في عاجل وآجل أمرك